الرئيسة \  واحة اللقاء  \  تلفيق دعوة الأسد إلى مؤتمر الجوار العراقي 

تلفيق دعوة الأسد إلى مؤتمر الجوار العراقي 

19.08.2021
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي 
الاربعاء 18/8/2021 
كان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد استقبل في دمشق فالح الفياض رئيس "الحشد الشعبي" العراقي، وذكرت وكالة أنباء سانا التابعة للنظام أن الأسد تسلم رسالة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي "تتعلق" بمؤتمر دول الجوار الذي تستضيفه العاصمة العراقية بغداد أواخر هذا الشهر. لكن بعض وسائل الإعلام المقربة من النظام السوري ومن "الحشد" أفادت بأن الفياض نقل إلى الأسد دعوة من الكاظمي لحضور المؤتمر، الأمر الذي سارعت وزارة الخارجية العراقية إلى نفيه بلغة جافة وقاطعة، مشددة على أن الحكومة العراقية "غير معنية بهذه الدعوة" وأن "الدعوات الرسمية ترسل برسالة رسمية وباسم رئيس مجلس الوزراء العراقي" و"لا يحق لأي طرف آخر أن يقدم الدعوة باسمها". 
الفياض سارع إلى مداراة الحرج الناجم عن هذا التناقض الجلي بين الرواية الرسمية العراقية والرواية الأخرى التي روجتها وسائل إعلام عربية اعتادت التعبير عن مواقف ما يسمى "محور الممانعة" عموماً، فأعلن بيان أصدره مكتب الفياض أن الأخير أبلغ الأسد بأن "عدم توجيه دعوة الحضور للجانب السوري لا يعبر عن تجاهل العراق للحكومة السورية الشقيقة ومكانتها الراسخة". ولم يفوت الفياض الفرصة للغمز من قناة الخارجية العراقية، مستغرباً "البيان المتسرع" للوزارة، الذي "انساق وراء تسريبات من جهات إعلامية غير مطلعة" و"انجر إلى مسائل افتراضية لا وجود لها". 
وثمة أكثر من عبرة واحدة يمكن استخلاصها من هذا التضارب العلني بين الحكومة العراقية من جهة أولى، وبين الفياض مبعوثها إلى النظام السوري من جهة ثانية، وبين وسائل الإعلام التي يُفترض أنها موالية لهيئة "الحشد" وبالتالي مطلعة على عكس ما يقول بيان الفياض من جهة ثالثة. وكان الأمر سيهون لو اقتصر على تضارب في النقل أو التأويل أو التسريب، لولا أن طبيعة العلاقة بين "الحشد" والنظام السوري تصادق على احتمال أن يكون الفياض راغباً حقاً في دعوة الأسد، أو أنه ربما "اجتهد" بالنيابة عن الكاظمي ووجّه الدعوة شفهياً، فتسربت الحكاية إلى الإعلام الموالي. 
العبرة الثانية هي أن هذا التعارض يرقى في الواقع إلى مستوى التناقض والتصارع بين الحكومة العراقية وقيادة "الحشد" رغم أن الهيئة مكوّن تابع رسمياً للجيش العراقي، الذي يُفترض أن الكاظمي هو آمره الأعلى بحكم موقعه كرئيس للحكومة. وليست هذه الخلاصة جديدة على أصعدة أمنية أو سياسية أو عسكرية، وقد تبدت في حوادث كثيرة أسفرت عن عواقب وخيمة كان بعضها دامياً ومأساوياً، إلا أنها هذه المرة تبلغ شأو التنافر الدبلوماسي الصريح بين إرادة الكاظمي في استبعاد الأسد عن المؤتمر، ورغبة الفياض المحتملة في دعوته حتى على حساب إفشال المؤتمر. 
وهنا عبرة ثالثة تتصل باستمرار عزلة النظام السوري عن محيطه العربي والإقليمي والدولي، فالدول المدعوة إلى المؤتمر هي الأردن وقطر والكويت ومصر والسعودية والإمارات وتركيا وإيران، ومن الواضح أن الغالبية الساحقة من وفود هذه الدول ما تزال ترفض أي تعامل دبلوماسي مع نظام الأسد، فكيف إذا كانت دعوته إلى المؤتمر سوف تتكفل حتماً بإفشال انعقاده.